حين يقترب المرء من مرحلة منتصف العمر، يتوجب عليه عندئذ أن يتخذ قرارا مهما بخصوص خياراته بين الكآبة أو السعادة؛ فالخيار الأول سيفضي به إلى حدة الطبع وسرعة الغضب، بينما سيقوده الثاني إلى الاستمتاع بالمزيد من مباهج الحياة. لذا، ينبغي عليك أن تكون من أنصار السعادة. بل إن العديد من الأفراد الناجحين يوصون بأن يتم هذا الأمر في مرحلة مبكرة جدا من عمر الإنسان؛ فإذا كنت تمضي وقتا كافيا بصحبة الناجحين، ستلاحظ أنهم متفائلون عموما وأنهم يبحثون دوما عن طرق للتعبير عن امتنانهم لما تقدمه لهم الحياة، سواء أكان خيرا أم شرا.
السعادة أولا والنجاح ثانيا
كثيرون منا يخطئون في حساب معادلة السعادة، فنحن نعتقد أن علينا العمل بجد كي نكون ناجحين ونجني أموالا طائلة ونحصل على منصب رفيع، وعند ذلك فقط نصبح سعداء، وهذا ببساطة غير صحيح. (لنتأمل هذه المسألة قليلا)، لا بد أنكم تعرفون الكثير من الأشخاص المتجهمين والأغنياء في الوقت ذاته، والناجحين بشكل ملفت؛ فهم يملكون المنازل والوظائف والسيارات التي طالما رغبتم في الحصول عليها. وبالرغم من ذلك، تجدون أن الجميع يمقتهم ولا يرغب في صداقتهم.
إن القول بضرورة تحقيق النجاح أولا للشعور بالسعادة، يشبه القول بضرورة الفوز في سباق قبل أن يتلقى المرء التدريب اللازم لذلك. ومثلما هي الحال مع السباقات، ينبغي أن يتمتع الإنسان بالعقلية والتدريب والممارسة الملائمة لبلوغ السعادة.
وهكذا فإن الناجحين يختارون أن يكونوا سعداء أولا ومن ثم يعملون بجد واجتهاد، كي يصلوا في نهاية المطاف إلى النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني.
نظرتك تصوغ عالمك
أخبرني صديقي الدكتور دانيال فرايدلاند مؤخرا: “إن الأسئلة التي تطرحها على نفسك اليوم ستشكل مستقبلك”. فالسعداء هم من تعلموا التعاطي مع تحديات الحياة بطرح أسئلة مثل: “ماذا سأتعلم من هذا الأمر؟”. إنهم يركزون على معرفة أهدافهم وما تستلزم من متطلبات، ويختارون أن يسلطوا أنظارهم على أهم الأمور التي توصلهم إلى مبتغاهم.
تمرن على السعادة
حينما تختار طريق السعادة، من الواجب عليك أن تعمل بجد لبلوغها. أما تمارين السعادة فتكون بدءا من إظهار المودة عفويا حتى إعداد قوائم الامتنان- وهي الأشياء التي تشعر بالامتنان على وجودها في منزلك أو عملك.
ابدأ مبكرا
عليك أن تنظر دوما إلى النواحي الإيجابية في كل موقف؛ فنعمة السعادة ستؤثر على كل جانب من جوانب حياتك، بما فيها العمل. والقادة العظماء أيضا يدركون أن السعادة تؤدي إلى نتائج مثمرة عديدة. إليكم 3 حقائق يعيها قادة الأعمال جيدا فيما يخص آثار السعادة:
السعداء يبلون بلاء أفضل في العمل
تتوافر حاليا الكثير من البحوث التي تدعم فرضية أن الأشخاص السعداء يتمتعون بنجاح أكبر على صعيد العمل. على سبيل المثال: يؤلف الذكاء ما نسبته 25% فقط من أسباب النجاح في العمل، في حين يؤلف التفاؤل والقدرة على اجتياز حالات التوتر باقي النسبة ومقدارها 75%.
التعاسة سبب في خسارة المال
تظهر البحوث أن التوتر أثناء العمل يؤدي إلى فقدان ما يزيد عن 300 مليار دولار سنويا؛ فحوالي 20% من حجم الرواتب تذهب لمعالجة المشكلات المتعلقة بالتوتر. أما المؤسسات التي ينعم موظفوها بالسعادة، فهي تحصد أرباحا بمقدار 3 أضعاف نظيراتها من المؤسسات الأخرى.
التعساء لا يستطيعون تغيير العالم
في مطلع هذا العام، عمدت شركتي إلى التركيز على تنمية الروح الإيجابية، فهي شركة تعنى بتعليم المرونة والتفاؤل والإبداع لتحسين القدرة على الابتكار وتفعيل بيئة العمل. وقد قمنا بذلك لأننا نعمل في مجال مساعدة المؤسسات الكبرى على تحفيز الابتكار؛ فالتغيير المفاجئ يمكن أن يؤدي إلى إثارة المخاوف والتي هي بدورها عدوة الإبداع. وبمرور الوقت، لاحظنا أن فرق العملاء تخلت عن مخاوفها وأصبحت تتحلى بمزيد من الطاقات الإبداعية. لقد كنا بحاجة إلى استخدام طريقة مجربة لدفع عجلة الابتكار عبر تنمية الشعور بالسعادة.